يستعد أزيد من 10000 إمام وفقيه وطالب علم قادمين من مختلف المساجد و المدارس العتيقة بسوس، للمشاركة في فعاليات الموسم السنوي للوالية الصالحة " تعلات " الذي يقام بالجماعة القروية" تسكدلت " بإقليم اشتوكة أيت بها ، كما يقصده الزوار من مختلف مناطق المغرب وحتى خارجه لاسيما العائلات المنحدرة من مناطق الإقليم .
للا تعلات :
ينسب هذا الموسم للولية الصالحة فاطمة بنت محمد من بني علا الهلالية. وعرف عنها رحمها الله الصلاح والتقوى حتى عرفت برابعة زمانها ، ووصفت السيدة تعلات من طرف من أرخوا لسيرتها على أنها: «عالمة عجيبة الحال، من الصالحات القانتات الصابرات الخاشعات، الذاكرات لله كثيرا، العابدات. انتشر صيتها، وعم بلاد سوس والغرب، وأثنى عليها الناس، ذاع ذكرها بالولاية والصلاح عند الخاصة والعامة، وتحكى عنها كرامات كثيرة، وشهد لها بذلك أكابر العلماء العاملين وأهل الخير والمحبة والدين، من ذلك أن الشيخ العالم، سيدي امحمد بن الصالح، الملقب بالمُعطى البجعدي كتب إليها يسلم عليها ويطلب منها الدعاء.
وقال عنها الفقيه محمد بن أحمد البوقدوري: «ومن كرامات هذه الولية الصالحة أن الفقراء الناصرين يزورونها كل عام في أول فبراير، فإن أجدبت السنة صلوا صلاة الاستسقاء، وإلا فلا. وكانوا يبيتون فيها ليلة الجمعة، ويحيون تلك الليلة بالذكر والمذاكرة.
توفيت رحمها الله عن سن يناهز مائة سنة (1207 هجرية) . ثم بعد وفاتها بسنوات بدأ الناس يتوافدون الى مكان دفنها حسب بعض الروايات.
ومنذ تأسيسه ، عام خمسة وخمسين ومائتين وألف من الهجرة كما أشارت إلى ذلك بعض الكتابات التاريخية، يشهد الموسم عكوف حملة القرآن الكريم على القراءة ليلا ونهارا، لا سيما ليلة الجمعة، حيث يحيونها بالترتيل بـطريقة «تحزابت» من صلاة العشاء إلى صلاة الصبح.
موسم تعلات في ظل الربيعين:
ورغم أن موسم تعلات يقام على أبواب فصل الربيع، إلا أن قلة التساقطات المطرية في السنوات الأخيرة خلال الأشهر فبراير ومارس، جعلت زواره في السنوات الأخيرة يفتقدون اخضرار الطبيعة بالشكل الذي عهدوه من قبل حيث تضفي استراحة الأفراد والعائلات ، لتناول الشاي والطعام في الهواء الطلق تحت أشجار الأركان، قيمة مضافة و لمسة نوعية لزيارة الموسم.
كما أصبحت زيارة عامل الإقليم والوفود المرافقة له للموسم ، تضفي طابع الرسمية على الموسم ، بالإضافة إلى ما يرافقها كما أصبح عليه الشأن في مختلف المواسم " الدينية" ، من زيارة للضريح واستضافة في بيت أحد أعيان المنطقة ، وذالك منذ سنة 1998 بعد أن قام أول عامل للإقليم آنذاك " محمد الغرابي " بتعبيد الطريق المؤدية للمنطقة.
لكن فصل الربيع في نسخته الديموقراطية أصبح يسم الموسم باخضرار من نوع آخر، فقد حشدت السلطات الأمنية بالإقليم عددا كبيرا من الآليات والتشكيلات الأمنية على رأسها القوات المساعدة وقوات التدخل السريع ورجال الدرك ثم الوقاية المدنية ، والتي خصصت لها الحجرات الدراسية وساحة مدرسة تسكدلت الابتدائية كثكنة لها، وذلك غداة اليوم المركزي للاحتفال بالموسم الذي يجرى يوم الخميس الأول من شهر مارس الفلاحي والذي يصادف هذه السنة الخميس 14 مارس 2013. ولا ينكر أغلب المتتبعين أن الهاجس الأمني أصبح يرخي بظلاله في هذه المناسبة الكبيرة التي يشهدها الإقليم ، لا لمنع مظاهر فوضى السير وانتشار السرقة التي كانت تؤرق بال الزائرين كما في السنوات الماضية فحسب ، بل لكبح أي بوادر إحتجاج وتحرك مطلبي للأئمة والقيمين الدينيين وطلبة العلم الشرعي بالمدارس العتيقة. فهذه المناسبة التي تعتبر أكبر تجمع لهذه الفئة بسوس وعلى الأرجح على الصعيد الوطني،عرفت السنة الماضية اعتقال ستة أئمة على إثر نشرهم لبيان فتحوا فيه النار على وزارة الأوقاف، حيث عبروا عن قلقهم من نتائج إصلاح الحقل الديني الذي يقوده وزير الأوقاف أحمد التوفيق. كما ندد البيان أيضا بما وصفه بالتضليل الإعلامي لوزارة الأوقاف في أعداد الأئمة المعزولين واستخفافها «اللاإنساني» بملف هذه الفئة المتمسكة بحقها الشرعي والقانوني في مزاولة نشاطها الديني والدعوي داخل المساجد وخارجها واعتبار قرارات العزل قرارات فتنة وشبهة تتحمل الوزارة والمجالس العلمية ما ستؤول إليه الأوضاع.
هكذا أصبح موسم تعلاط محضنا لمؤتمر سنوي للأئمة والفقهاء، وتحول من مجرد ملتقى تفيض فيه موائد الإطعام وتختم فيه "سلكات " القرآن الكريم إلى مناسبة يستغلها الأئمة والقيمون الدينيون من أجل إعلان مطالبهم وإعطاء رأيهم في السياسة التي تقوم بها الوزارة الوصية على الشأن الديني.