على غرار تلك النكتة التي تحكي عن رجل ضرير يستطيع أن يعرف اي بلد من خلال إخراج يده من السيارة، ومن حالة الجو يعرف أي بلد هو، لكن عندما أتو به للمغرب، ما إن اخرج يده من السيارة حتى سرق اللصوص ساعته اليدوية، ليقول لهم: إنه بلا شك المغرب.
فحتى ولو كنت ضريرا وانت تمطتي وسيلة من وسائل النقل البري، ستعرف وأنك دخلت تراب عمالة تارودانت، من سماعك لارتفاع صوت احتكاك عجلات تلك الوسيلة بالطريق.
وأنت بالطريق السريع أكادير – تارودانت، ما إن تجد علامة تخبرك بأنك ولجت تراب عمالة تارودانت وإلا ووجدت الطريق السريع يجعلك تبطئ من حركتك بالرغم من أنفك، واضطررت لاغلاق النوافذ للتقليل من صوت ارتطام العجلات بالطريق المحفرة.
وأنت بالطريق الوطنية رقم 10، فما إن تغادر عمالة إنزكان ايت ملول حتى يختفي الممر الخاص بأصحاب الدراجات، وكأنه لا وجود لهم بهذا الإقليم، لتسوء كذلك حالة الطريق، التي شحبت وظهرت تجاعيد وشقوق وجهها، ليجتهد المسؤولون في وضع علامات تحديد السرعة 60 في عهد السرعة، لتجد رجال الحال بانتظارك برادار المراقبة.
وأنت تمتع عينيك بمناظر الطريق، قادما من مراكش عبر طريق تيزي نتاست، وما إن تغادر قمة أغبار لتدخل لإقليم تارودانت، حتى تنسى مناظر الطبيعة، وتركز عينيك على الطريق حتى لا تسقط في الهاوية، أو تهوي في حفر من الحفر التي رسمتها الظروف البيئية، في غياب تام لأي إصلاح من المسؤولين، ولا حتى إلزام بعض الشركات التي تستعملها صباح مساء لنهب خيرات البلاد من معادن قيمة، بدون تقديم اي تنمية لأهل المناطق المجاورة، وكم استغرب أن بطولة الدرجات بالمغرب مرت من هنا.
وأنت بجماعة ايت إيكاس، ستجد قسم الولادة في الطريق، فما إن تلجها إمراة حامل حتى تضع مولودها، بفضل الاهتزازات التي تصنعها الطريق. وكم عجيب أن هذه الطريق تمر منها شاحنات كبريات الشركات (الحليب – الضيعات الفلاحية، والتي تعود لفلاحين كبار (محامين وقضاة ووزراء وجنرالات في الجيش وأمراء)
وانت قادم من ورزازات، ما إن تغادرها حتى تضيق الطريق، وأنت قادم من ….
أين هم برلمانيو هذا الإقليم، والذين التصقت مؤخراتهم بكراسي البرلمان ومجلس المستشارين، أم أنهم لا يتكلمون إلا عندما تموت ابقارهم، او تسقط حوامضهم، ولا يتكلمون في مجالسهم إلا عن صعود أو نزول العقار باكادير، أو عن عدد المستشارين الذي جلبوهم لحزبهم. وماذا قام به جل العمال الذين تعاقبوا على هذا الإقليم، وأين أموال المجلس الإقليمي، وأموال المجلس الجهوي؟ وأين هي وزارة التجهيز والنقل من كل هذا؟ وأين الصديق بن زينة وقناته، والذي إن دعوته لتغطية وقفة إحتجاجية لن يجيبك إلا إن كانت الدعوة من بابا علي أو من صاحب برج اكادير الشهير، ونحن من ندفع تمويل قناتهم من جيوبنا؟ واين الحبيب العسري وقناة المغربية، والتي تستمر في سياسة العام زين، والتي لا تفلح إلا في نقل احواش والدقة الهوارية والمعارض، ولقاءات يكون العامل أو الوزير حاضرا فيها؟
إن لم تفلحوا في تسيير مدينة تارودانت لكبرها، فقد حان الوقت لتقسيمها لعمالات، أم ان هناك من يعرقل خدمة لمصالحه السياسية؟ وهل أولاد تايمة اصغر من إقليم تنغير وإقليم الدريوش؟ الحدث لن يصنعه إلا ابناء المنطقة إن تركوا أتاي والحساء والطاجين باللحم والبرقوق.
السعيد العسري