لا يخفى على المهتمين بمستجدات منطقة إيغرم عبر الشبكة العنكبوتية وبالضبط عبر الموقع الإجتماعي فيسبوك أن أحد أبناء المنطقة يطل علينا كل صباح بمقال ٱو إثنين يغنينا من خلاله بأفكاره القيمة والتي تستدعي الوقوف عليها وتحليلها بل وغربلتها بالكيفية التي يجب لإلتماس جوهرها وإدراك بعدها و عمق دلالتها، حيث أن ما يجذبني أكثر إلى كتاباته أنه يختار مواضيع بالغة الأهمية وتثير حساسيات يجب أن تثار، وتقف عند مشاهد
من الواقع توصف بالذقة والموضوعية اللازمتين...حتى أضحى يكتب بأسلوب الصحافيين الكبار، ولا يمكن إعتبار هذه مجاملة أو إضافات في غير محلها بقدر ما هي إعتراف بمبادرة أحد عباقرة المنطقة من خلال لجوءه للكتابة كآلية شريفة للتعبير عن الرأي وفتح نقاشات عمومية حول مشاكل المنطقة وإقتراح نمادج لحلول تعالجها.
الكن الملاحظ أنه سرعان ما إنقطع عن هوايته وحقق بذلك أماني الكثير من أشباه السياسيين الذين يجدون المصلحة الكاملة في إنصرافه عن إثارة الناس ومحاولة تقريبهم لفهم الحقيقة التي يسخرون جهودهم وما ملكت أيمانهم لحجبها...،هذه القطيعة مع هموم وهذا الإنصراف لا بد له مما يبرره ويستدعي طرح أسئلة عديدة ...؟
عندما إحتكمت الأمر لملكة العقل وجدت تبريرات كثيرة أهمها أن الشباب الذي يوجه لهم الخطاب واللذين هم بطعهم جزأ من المشكل ولم يكونوا أبدا جزأ من الحل لا يتفاعلون مع النقاش ولا يقدمون إضافات تغنيه أكثر كيفما كان نوعها والتي لا تهم درجة صوابها من خطئها إنما ما يهم أكثرهي أنها تجسد الإختلاف في وجهات النظرومرحلة أولى لتنمية الإنسان قبل المجال.والتي تعتبر الغاية المثلى للكاتب.ويستهويني أن أجعل هذه الحالة البوابة التي أدخل من خلالها لأتطرق لشباب أنيلول،حالهم وأحوالهم،مجالسهم وأجنداتهم، ونتقرب لواقعهم وموقعهم وإسهاماتهم في تنمية المنطقة...
من طبائع الشباب أنهم كثير جمعهم،يتلذذون بمرافقة بعضهم البعض، ويذكرون حواذتهم ويفتخرون بإنجازاتهم. كل هذا وارد ويستحق التنويه عند ملامسة حال شباب أنيلول، الإختلاف الغير البسيط والذي يسجله الملاحظ والمتأمل يكمن في طبيعة الإنجازات ومحاور النقاشات والحوارات التي تجري ويجري معها الزمن إلى ساعات متأخرة من الليل وشبابنا الذي كان يجب أن يكون محور أي تنمية والعقل المدبر للمشاريع ولأوراش تنموية حقيقية يبدوا أنه يفسد الأمور أكثر مما يصلحها، فأن تحضر مجالسهم يعني أن تتحمل عناء ساعات طوال من المزاح الطفولي والإحتفاء بالمصائب وذكر سيرة بعض رواد مذهبهم وتاريخه السيء والإفتخار بأمجاده وبطولاته في السرقة والنعرة القبلية والتحريض على العنف والتعدي على أملاك الغير وسوء الأخلاق، وإذا تعمق النقاش أكثر وإستفاضوا في الحديث فقصص الحب والغرام وذكر الفتيات والمغامرات في الدواوير في محاولة لإصطياد فريسة وقضاء بعض الوقت (التي ليست كالسيف ولا كالسكين في قوامسهم) معها وإمتصاص بعض من ذمه خلال عملية إرضاء الغريزة الجنسية.
....، كل هذا يذكر في مجالسهم على أنه هو المجد كله والعظمة في شموليتها، وإذا سمعت ضجة عارمة والأصوات تعلوا فوق بعضها فأنت في حضرة محللين رياضيين من الطراز الرفيع يفهمون في جميع البطولات والأنواع الرياضية ... جعجعة ولا أرى طحينا
ليس ما يعاب علينا نحن شباب أنيلول هو التطرق لهذه المواضيع فكلها في غاية الأهمية وتفرضها طبيعة مرحلة الشباب ، لكن العيب كله هو عدم الإهتمام بالأولويات وغياب الإحساس بالمسؤولية، مسؤولية أن من واجب الشباب تنمية المنطقة ومحاولة خلق آليات وبرامج لذلك والعمل على تطويرها ودراسة الواقع والوقوف عند إشكالاته، تحديد الأهداف والإعلان عن مبادرات وتشجيعها...هذه هي الأولويات التي تستحق الوقت الكثير الذي يضيع في الكلام الفارغ والسهر على الفاحش والببغاوية وقد صدق من قال: "نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا "...
إننا لا نختزل المشكل في الشباب فقط بل سنذهب أبعد من ذلك ونقول بأن عقلية الشباب الحالي ما هي إلى نتيجة لسياسات ممنهجة من الفوق، أي من الدولة، هي نتيجة مباشرة لأجندة سطرت فيها تذمير عقلية الشباب للحيلولة دون فهمهم لواقعهم وقضاياهم الحقيقيقة بدل القضايا التي ييروج لها المخزن، وما تجسد الوضعية إلا فشل الدولة في تأهيل هؤلاء الشباب لخدمة محيطهم.
لسنا نشكل إستثناء فيما سبق ذكره ولا نعيش عالما غير عالم شباب إنيلول إنما نمتلك من الإرادة ما يكفي لكي تتغير الأمور...فطوبى لمن يعيش على إيقاع التغيير