أجد بنظرتي الخاصة المتواضعة أن مفهومي "التقدم" و"التخلف" ..عند الكثير من الناس – مع الأسف – يصطبغان بالكثير من السطحية والاختزالية .
الكثير إذا سألته عن تمثلاته لمفهوم "التقدم " يذكر لك ارتفاع ناطحات السحاب ..والطائرات التي تفوق سرعة الصوت ..وأن يمتلك كل الناس هاتفا نقالا من الجيل الخامس..أو لوح "آيباد" ..وأن يقفز رجل من على علو39كيلومتر إلىالأرض ..
وكذلك حين يتحدث عن التخلف يذكر لك أمثلة منها محافظة الأسر في بلداننا على تماسكها ..والتشبث والحفاظ على الهوية الحضارية للأمة ..والتزام بعض الأشخاص بمنوظمة أخلاقية نابعة من تعاليم الدين الإسلامي ...وقد لايتورع ويجعل حجاب المرأة ونقابها ،والتزام بعض المسلمين بسنن الفطرة من مظاهر التخلف...إلخ ..
وأنا أعتبر هذا الاختزال والتسطيح..نمطا فكريا جاهزا ومنتشرا حتى بين بعض من نسميهم "مثقفين "..
فليسمح لي الإخوة الأفاضل أن أذكر لهم نموذجا رائدا من التقدم – حسب وجهة نظري – وليس بالضرورة أن يتفقوا معي ..كما أنه ليس بالضرورة أن أكون صائبا صوابا مطلقا ..
التقدم في نظري هو حين ولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة (وهو الحاكم الذي تحت يده ولاة لأمصار مترامية الأطراف )وقال : " أيها الناس ..إن رأيتم في اعوجاجا فقوموه " فقام إليه رجل من عامة الناس فقال : " والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا " فرد عمر رضي الله عنه :" الحمد لله الذي جعل في رعية عمر من يقوم اعوجاجه ولو بسيفه" ...فلما انصرف الرجل إلى بيته ...انصرف مطمئنا مأتمنا على نفسه وأهله وماله..ولم يرسل إليه عمرعناصر من جهازالمخابرات ، أو عناصر أمن الدولة من زوار الليل ليخرجوه من بيته ومن بين أهله في البيجامة بعد أن عاتوا فسادا وتمزيقا في أغراضه الشخصية – والصغار يبكون - ويخفوه عنهم وراء الشمس ..ثم يقولون لهم : لقد وجدناه منتحرا في زنزانته ...لم يحدث من هذا ولاقيد أنملة .
هذا هو التقدم في نظري وكما أومن به ..حتى وإن بداغريبا بعض الشيء..؟؟