من البديهي أن أي أجير يستحق أن تُؤدى لة الأجرة الكاملة المتفق عليها مسبقا مع صاحب الشغل ، بمجرد أن ينتهي من آداء مهمته .
و لكن من غير المعقول و من غير المنطقي و من غير المشروع حتى دينيًّا أن يُطالب أي شخص كان ، بأجرة عن عمل لم يقم به اصلاً . و مع الأسف هذا هو حال الكثيرين ممن يقومون بالإضرابات و التوقفات المتكررة عن العمل لأيام و اسابيع ، و يُعطلون مصالح الناس ، وفي نفس الوقت يرفضون أن تُقتطع أيام الإضرابات من أجرتهم . أي أنهم يريدون الإستمتاع بالوصفة السحرية المشهورة " أنا كَالس أو كانتخلص " . فقد لاحظتُ هذا اليوم الأربعاء 17/10/2012 و أنا أتابع نشرة الظهيرة على القناة الثانية ، أن بعض العاملين بإحدى الوزارات يحتجون على قرار السيد الوزير الوصي الإقتطاع من أجور المضربين الذين لا يمَلُّون من ترديد سمفونية " الإضراب حق دستوري " .
صحيح أن الإضراب حق دستوري ، و لكن صحيح أيضا و أصح أن من حق المواطنين أن يقضوا مصالحهم الإدارية بيُسر و انتظام ، و لا يجوز - دستوريا- لأي كان أن يحرم الناس من خدمات تضْمَنُها لهم الدولة مثل التعليم و الصحة و القضاء و غيرها .
في جميع الدول العريقة في الديموقراطية مثل فرنسا و الولايات المتحدة و غيرهما ، تُقتطع أجور المضربين عن العمل و لا أحد يجادل في ذلك . أما عندنا فهناك من قاموا بإضرابات لشهر كامل و توصلوا بأجورهم الشهرية كاملة غير منقوصة . و لما جاءت الحكومة الحالية و أرادت تصحيح هذا الوضع النشاز ، تصدى لها المنتفعون من الوضع الحالي ، فلتحيا وصفة " كَالس في داري و كانتخلص من مالية الشعب " .
أيها السادة : نعلم جميعا أن أموال أجور الموظفين تأتي في معظمها من دافعي الضرائب ، فهل يُعقل أو يُقبل شرعا أن تجمع الدولة أموال الضرائب من البقالين و الخضارين و النجارين و الجزارين و غيرهم من الكادحين ، و تدفع تلك الأموال أجورا مقابل عمل لم يتم القيام به أصلا ؟؟
كم من تلميذ ضاعت دراسته دون ذنب اقترفه - بسبب الإضرابات - و لا أحد سئل عن مصيره ، كم من مريض وافته المنية أمام المستشفى ، كم من مواطن ضاعت مصلحته لعدم وجود من يوقع له وثيقة إدارية بسيطة .
إلى متى يستمر هذا النزيف ؟ متى يوضع حد للمهزلة ؟