العقارب والثعابين ترفض الرحيل عن دوار أيت صرحان
أرخى النهار زمام سيادته على دوار أيت صرحان (قرب اسافن) بعض منازل منتشرة هنا وهناك منازل بسيطة في بنائها غير بعيد تبدو المنازل المجاورة في لخميس اسافن عالية. بجانب الدوار تترامى قبور المقبرة المنسية يتوسطها ضريح سيدي محمد الأعشاب الطفيلية ذابلة لاشيء يقاوم الحرارة التي تعم الدوار في فصل الصيف غير الاشواك.
تحت عمود انارة يبعث نورا خافتا كان يجلس حسين وعبد الله وقربهماابراهيم يدخن سيجارة ممزجة بقليل من الحشيش ينخرطون في الحديث وعيونهم تدور في محاجرها تراقب وتبحث عن عقارب يتوجسون خفية من لساعتها. العقارب والثعابين تقطن بجوار ساكنة الدوار كما يفيد الثلاثة. (الناس هنا يستأنسون بها) يقول أحدهم. يعرفون شكل العقارب ومن بينهم من من جرب مرارة لسعاتها. حسين أشد العارفين من الثلاثة بها كان قد لسعته عقرب سوداء وهو صغير سمها جعل ساعده يتجمد كما يتذكر. (( كنا نلهو ونحن صغار قرب القبور نطارد العقارب أمسكت واحدة بيدي قاومتني ثم غرزت شوكتها في راحتي)) قالها حسين ليردف أنه لم يعد يخشى العقارب انه حي يرزق بعد أن تحدى سمها بغاز البوتان ليظل على قيد الحياة.
قرب ضريح الولي تمتد ساحة متربة يستغلها أطفال الدوار كفضاء يمارسون فيه شقاوتهم. لعبهم ليس مختلف عن نظرائهم في اسافن وتابلخيرت وتمقييت ينتعلون صنادل بلاستيكية تبدوا اصابع أرجلهم بارزة منها يقلبون الاحجار بحثا عن عقارب يروقهم جمعها في قوارير زجاجية حتى يتفننون في تعذيبها. العقارب تصبح محل تجارب من لدن هؤلاء الأطفال.
ابراهيم هاجر الى الدار البيضاء وقضى فيها حوالي خمس سنوات يعيض وحيدا في منزل مهجور وبصوت ثمل يقول بتثاقل ان ثعبانا اسود اللون يعيش يقتسم معه منزله. بفم تغيب غنه بعض الاسنان يضحك ساخرا ليضيف أن الثعبان لا يناصبه العداء ويؤكد أن الثعابين تنتفخ أوداجها ثم تلدغ كلما أحست بحركة مريبة أما هو فيفقد الوعي دائما لسبب الحشيش ما يجعله ينام دون حراك لهذا يسلم من لدغات جاره كما يقول.
جدير بالذكر أن معهد باستور بمدينة الدار البيضاء يحتاج الى 20 الف عقرب و200 ثعبان سنويا لانتاج أمصال مضادة لسمومها والمعهد يقتني العقارب والثعابين من صيادي الزواحف السامة اما دوار أيت صرحان فهي في مناى عنهم فهم لا يعرفون أنها هنا. (( انها تنتشر بكثرة لا يمكن أن يمر يوم في هذه الفترة من السنة دون ملاقاة عقارب تتجول بالدوار باحثة عن ظل يقيها غيظ الصيف)) يقول عبد الله.
العقارب تلسع أكثر من 40 الف شخص سنويا في المغرب وسكان ايت سرحان يعمدون الى القطران لابعادها عن منازلهم انها تكره رائحته وان وضعت عقرب وسط دائرة منه تلسع نفسها بشوكتها منتحرة رافضة أن يأتيها الموت من الأخرين