ينبغي في المقام الأول تحديد جوهر العنوان و الذي يبدو غامضا شيئا ما على اعتبار إننا لا نقصد بأن الحركة الثقافية الأمازيغية تخلت عن السلمية و تبنت العنف بقدر ما هو حديث عن العنف الذي تعرضت له و لازالت تتعرض له.
إذا كان من الصعب إن لم يكن من المستحيل التحدث باللغة الأمازيغية داخل الساحة الجامعية ،قبل سنوات التسعينات، نظرا لسيطرة الفكر العروبي الذي يرفض تماما كل ما يتعلق بالأمازيغية، فإن عقدة الألسن قد حلت فيما يخص الأمازيغية بفضل ظهور الحركة الثقافية الأمازيغية.
إن الحديث عن الحركة الثقافية الأمازيغية يستوجب الحديث عن تصورها و تاريخها و لما كان كان موضوع هذا المقال هو العنف فسنكتفي و فقط بتوضيح ما يجعلها تتعرض له و من ثمة نستشف إلى أي حد يمكن القول أن العنف في خدمة الحركة الثقافية الأمازيغية
.
إن المتمعن و المتتبع للأشكال النضالية التي تنظمها الحركة الثقافية الأمازيغية داخل الساحة الجامعية سيستنتج و منذ الوهلة الأولى إنها من جهة تؤمن بالتعدد و الاختلاف ولم تكن يوما من الأيام تتبنى العنف و من جهة أخرى تؤمن في نقاشاتها بالمقارعة الفكرية الحجة بالحجة و البرهان بالبرهان و الجماهير الطلابية تستفيد و عندما تستفيد هذه الأخيرة فهذا هوالمبتغى الجوهري، وعليه نؤكد أن الحركة الثقافية الأمازيغية ترفض ،جملة و تفصيلا، اللجوء إلى العنف لتصفية من يخالفها الرأي أما فيما يخص البديل الذي سطرته فسوف نناقشه لاحقا.
لما كانت الحركة الثقافية الأمازيغية تعتمد في مرجعيتها على عصارة الفكر البشري المتنور من اجل إقناع أعداء الأمازيغية بمشروعية و شرعية القضية الأمازيغية و لما كانت تعتمد على الدلائل العلمية لضحد مجموعة من الترهات وتبحث في التاريخ لإزالة و الستار عن مجموعة من الحقائق، فان المخزن أدرك خطورة هذه الحركة عليه و رأى فيها المنافس و لذالك لا يتوانى في التخلص منها و من انتقاداتها عن طريق أذياله من داخل الساحة الجامعية.
إن خطاب جل المكونات الطلابية ليس إلا نسخة طبق الأصل لخطاب المخزن أو بالأحرى أبواقه بحيث لا تتردد هذه المكونات للتطبيل لإيديولوجيته _العروبة و الإسلام_ و من ثمة نتحدث عن المخزن بين وحدة الخطاب و تعدد الأوجه لكن حتى تتضح الأمور و تفاديا للغموض الذي قد يشوب أذيال أو أبواق المخزن فإننا نقصد بها المتمركسين و المتاسلمين.
إن محاولة التخلص من الحركة الثقافية الأمازيغية داخل الساحة الجامعية سيتم بطريقة غير مباشرة بحيث سيكتفي المخزن بتسخير أذياله و معنى ذالك انه سيوفر جميع الشروط الأزمة لتصفية مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية وزرع الرعب في صفوف متعاطفيها. و عليه فإن المخزن كان و لايزال وفيا في توفير المسكن و الملبس و المشرب للجنجويد العروبي على اعتبار ان المنحة غير كافية لسد تلك الحاجيات بسبب مكبوتاتهم في الكليات لمدة تزيد عن 8 سنوات و كأنهم يصنعون الصواريخ في الجامعات ، بالإضافة إلى ذالك نجد المخزن يتفادى اية متابعة قضائية ضدهم علما أن هؤلاء المجرمين قدمت في حقهم عدة وشايات بداية بوشاية المكتري و صاحب الدكان مرورا بوشايات الموظفين بالكليات وصولا إلى شكايات أبائهم و أمهاتهم الائي لم يسلمن من جهتهم هذا إلى جانب شكايات مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية.
إذن بفضل العوامل السالفة الذكر نجزم أن أذيال المخزن استطاعوا ممارسة العنف على ايمازغن داخل أسوار الجامعة عبر التاريخ ويكفينا الإشارة إلى بعض السنوات و المواقع التي كانت مسرحا لذالك :
بداية بموقع فاس ،موقع مراكش سنة 1999،موقع امتغرن سنة 2003، موقع اكادير سنة 2005، جميع المواقع سنة2007 ، موقع وجدة سنة 2009، موقع اكادير سنة2010 ، (موقع امتغرن، امكناس، تازة ، أكادير سنة 2011)، موقعي امتغرن و أمكناس سنة 2.2012
بناءا على هذه المعطيات الواقعية والتي نجمت عنها مجموعة من الضحايا نؤكد ان العنف الممارس على الحركة الثقافية الأمازيغية لم تكن له الانطلاقة سنة 2007 بل يرجع الى قبل ولادتها بالساحة الجامعية.
على كل، نود الإشارة إلى أن أول خطا ارتكبه موقع اموراكش،هنا اقول أنني تعمدت قول موقع مراكش عوض قول الحركة الثقافية الأمازيغية على اعتبار أن تصورها لم يتوحد بعد آنذاك، هو السكوت عن العنف الممارس عليه سنة 1999 و لعل الأجيال اللاحقة بعد ذالك تعرضت لشتى أنواع المضايقات بل الأكثر من ذالك منعت من أية محاولة و لو لتخليد السنة الأمازيغية. في تلك السنة بالضبط تم طرح فكرة صياغة ميثاق شرف ضد العنف و الإقصاء كبديل لأزمة العنف لكن للأسف الشديد لم تجد هذه الفكرة آذان صاغية و على الرغم من ذالك فإن الحركة الثقافية الأمازيغية لا تتردد في طرحها في كل وقت لعل الآطلاقيون يستحسنون هذه المبادرة التي سجلها التاريخ لايمازيغن.
إن الذي يثير الانتباه ان استئصال الحركة الثقافية الأمازيغية من داخل الساحة الجامعية أصبح اليوم الشغل الشاغل بالنسبة للمخزن نظرا لكون مصدر التغيير باث واضحا، ومن ثم كان لابد ان يتعرض مناضلينا لهجمات وحشية داخل الساحة الجامعية التي أصبحت مسرحا لتنفيذ العمليات الإجرامية بالنسبة للمتمركسين.
مهما يكن من أمر، فإن أعداء القضية الأمازيغية لم يدركوا بعد أن العنف، الذي يمارسونه، في خدمة الحركة الثقافية الأمازيغية خاصة إّذا أخذنا بالمعطيات التالية :
_ إن أجيال الحركة الثقافية الأمازيغية خاصة جيل العقد الأخير من القرن الماضي كانوا في تواصل شبه منعدم مع الساحة الجامعية ، لكن بسبب العنف الممارس على المدرسة العتيدة التي علمتهم مجموعة من المبادئ و بفضل الموقع الاجتماعي الفايسبوك ، فإنهم في تواصل تام و في مواكبة لكل المستجدات التي تعرفها الساحة الجامعية.
_ إن العنف الممارس جعل الجهود تتكاثف
_ إن العنف الممارس جعل اللقاءات تتعدد و الآراء تتكامل و الاستراتيجية تتضح
_ إن العنف الممارس يزيد في تعميق الإيمان بشرعية القضية الأمازيغية
_ إن العنف الممارس يبرز حمولة خطاب الحركة الثقافية الأمازيغية
_ إن العنف الممارس يوضح أن الجنجويد يمضي في طريق مسدود
إن الحملة الإعلامية الشرسة ضد الحركة الثقافية الأمازيغية، ليس الأولى من نوعها بل واحدة ضمن الألف التي تنتظرها ، تعد وسيلة لتبرير لجوء وزارة الداخلية لإقامة كاميرات داخل الساحة الجامعية من جهة ون جهة أخرى محاولة تبرير رفض إطلاق سراح المعتقلين السياسيين للقضية الأمازيغية.
في الختام ، نود القول أن الحقيقة التي تعيشها اليوم الحركة الثقافية الأمازيغية داخل الساحة الجامعية عاشها أكسيل و ديهيا كما عاشها معتوب لونس و بوجمعة الهباز، وبمعنى اخر فكل مناضل قد ينعث بأقدح الأوصاف في أحسن الأحوال، كما قد يسجن آو يختطف بل الأكثر من ذالك قد يستشهد من أجل هذه القضية التي لطالما استشهد من أجلها الكثير.