أقدمت وزارة التربية الوطنية على بادرة أخرى ايجابية و جريئة سوف يرحب بها غالبية رجال التعليم الشرفاء ، ألا و هي نشر لوائح الموظفين الأشباح الإنتهازيين الذين كنا نحسبهم مثلنا يتعبون و يكافحون داخل المؤسسات من أجل تعليم الناشئة . و قد تبين لنا الآن أن هؤلاء لا يقومون بأي شغل أو مشغلة سوى مزاحمتنا في " لكَيشي أوتوماتيك " في آخر الشهر دون وجه حق أو وخز ضمير .
كعادته سوف يحاول البعض الإصطياد في الماء العكر عن طريق التركيز على بعض نواقص تلك اللوائح و تضخيمها ، حيث سيقولون مثلا أن بها بعض الأخطاء ، و ذلك سعيا منهم لصرف النظر عن المعضلة الحقيقية و هي وجود أناس في قطاع التربية –يا حسرة – يتلقون أجورا من عرق الشعب الكادح دون القيام بأي عمل . أما تلك الأخطاء في اللوائح فيمكن تصحيحها حالا بمقر النيابات الإقليمية أو الأكاديميات الجهوية و ينتهي الأمر .
يبدو أن البساط يتم سحبه تدريجيا من تحت من كانوا يراهنون على التراجع عن الإصلاحات الحقيقية التي تقوم بها الحكومة الحالية – و بجرأة غير مسبوقة – في قطاع التربية الوطنية ، حيث لم يشفع لهم الضجيج و التشويش الذي يقومون به كل مرة عقب كل بادرة إيجابية تصدر من الوزير الوصي على القطاع .
فبعد ربط الأجرة بآداء العمل ، و نشر لوائح المحتلين للسكن الوظيفي ، ووقف التطاول على بعض السادة الرؤساء المباشرين ، و وضع حد للتنقيلات و التكليفات خارج الحركات الإنتقالية ، هاهي مبادرة أخرى جريئة تعري جزءا من الواقع المرير لقطاع التربية ببلادنا .
المستفيدون من الرداءة الحالية في قطاع التربية الوطنية يراهنون أيضا على انهيار أو تدني شعبية الحكومة الحالية مع مرور الوقت ، و هذا الرهان كذلك خاسرتماما . فقد بينت الإنتخابات التشريعية الجزئية التي جرت في مراكش و طنجة و غيرهما أن غالبية المواطنين يؤيدون التحالف الحكومي الحالي و قراراته ، و لن تنطلي عليهم خدعة بعض وسائل الإعلام و المنابر التي تحاول التحدث باسم " جميع المغاربة " بدون وجه حق .
و لاشك أن الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة سوف تكون إن شاء الله محطة فاصلة للقضاء بصفة نهائية على جيوب مقاومة الإصلاح و المنتفعين من الرداءة في قطاع التربية الوطنية و غيره ، و سوف تعطي إشارات قوية للحكومة للمضي قدما في التغيير وفق مقتضيات الدستور الجديد .